والتعجب من سوء صنيعهم وجراءتهم على المضاهاة بخلق الله - تعالى - مع عجزهم عن نفخ الروح فيما يصورونه، والله أعلم.
فإن قيل: إن في هذه الأحاديث شيئًا من التعارض؛ ففي الرواية الأولى عن عكرمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالآلهة فأُخْرِجت، وفي روايته الأخرى أنه أمر بها فمُحِيت، ومثله ما في حديث جابر وأسامة بن زيد وعمرو بن دينار.
وأيضًا ففي رواية كريب عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل البيت فوجد فيه صورة إبراهيم وصورة مريم، ونحوه ما في حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - وما ذكره ابن هشام وهذا يعارض رواية عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، ونحوه ما في حديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدخل الكعبة حتى مُحِيَت كل صورة فيها.
والجواب أن يقال: ليس بين هذه الروايات تعارض بحمد الله - تعالى - فأما التي يفهم منها التعارض بين المحو والإخراج فوجه الجمع بينها أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بمحو ما كان منقوشًا في أعمدة الكعبة وحيطانها، وأمر بإخراج ما كان مجسدًا ليكسر خارج الكعبة مع الأصنام التي كانت حولها؛ ليرى المشركين ما يصيب ألهتهم من