أحرقناها بالنار، فلما خرج المسور قال: انزعوا هذه الثوب عنِّي، واقطعوا رؤوس هذه التماثيل، قالوا: يا أبا عباس، لو ذهبت إلى السوق كان أنفق لها مع الرأس، قال: لا، فأمر بقطع رؤوسها، وهذا حديث حسن قال أحمد وابن معين: شعبة بن دينار لا بأس به، وبقية رجاله "الصحيح".
قال الجوهري وغيره من أهل اللغة: الكانون الموقد؛ يعني: الموضع الذي توقد فيه النار.
قلت: وهو معروف بهذا الاسم إلى زماننا، ولكنه لنوع من المواقد لا لجميعها.
وفي هذا الحديث والذي قبله دليل على أن حكم الصورة متعلق بالرأس وحده؛ والأصل في هذا قول جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: مر بالرأس فليقطع فيصير كهيئة الشجرة، فدلَّ على أن المحذور كله في تصوير الرأس، ودلَّ على أن قطع غيره لا يقوم مقامه ولا يكفى في التغيير، ولو كان المقطوع مما لا تبقى الحياة بعد ذهابه كصدره أو بطنه.
وعلى هذا فتحريم التصوير والاتخاذ متعلق بوجود الرأس، وكذلك وجوب الطمس متعلق بوجود الرأس، والله أعلم.
وأما قياس قطع الصدر أو البطن على قطع الرأس فهو قياس مع وجود الفارق؛ لأنها وإن شاركاه في ذهاب الحياة بذهابهما فقد اختفى هو دونهما ودون سائر الأعضاء بشيئين: