وكذلك إذا عرض لبعض الناس وظيفة لا تحصل له إلا بالتصوير فإنه يأتي إلى المصور طائعًا مختارًا ويطلب منه أن يصور صورته، وهذا ينافي ما يزعمونه من كراهة التصوير وإنكاره، ومن أمكن من تصوير نفسه طائعًا مختارًا فقد رضي بالتصوير وتابَع عليه شاء أم أبى، فيكون شريكًا للمصور فيما يلحقه من اللعنة والعذاب، عياذًا بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه.
ثم إن بعض الناس يفتي نفسه أو يفتيه بعض المنتسبين إلى العلم ممن لا تحقيق عندهم بأنه لا بأس بطلب التصوير لِمَن كان سفره أو توظيفه متوقفًا على التصوير، ويعللون ذلك بأنه في حكم المُلْجَأ إلى التصوير، وليس الأمر كما يظنون، ومَن طلب التصوير وأفتى نفسه بهذه الفتيا فقد جمع بين أمرين عظيمين؛ أحدهما: استحلال المحرم بالشبه الباطلة، والثاني: القول على الله بغير علم.
ومَن أفتى غيره بهذه الفتيا فقد أحل له ما حرمه الله - تعالى - على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى المفتي بذلك أثم العاملين بفتياه؛ لقول الله - تعالى -: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ}[النحل: ٢٥].