للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما هو.

المُعَلَّلُ:

اعلم أن معرفة عِلل الحديث من أجلِّ علومِه وأدقِّها، وإنما يتمكن من ذلك أهل الحفظ والخبرة والفَهم الثاقب، وهو عبارة عن أسبابٍ خفية غامضة قادحة فيه، فالحديث المُعَلَّل: هو الذي اطُّلِع فيه على ما يقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منه، ويَتَطَرق ذلك إلى الإسناد الجامع لشروط الصحة ظاهرًا، ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي وبمخالفة غيره له، مع قرائن تُنِبّه العارف على إرسالٍ في الموصول، أو وقفٍ في المرفوع، أو دخول حديث في حديث، أو وهمِ واهم، أو غير ذلك بحيث يغلب على ظنه ذلك فيحكم به، أو يتردد فيتوقف فيه، فكل ذلك مانع من الحكم بصحة ما وُجِد ذلك فيه من الحديث.

والطريق في معرفة عِلة الحديث؛ أن نجمع طُرُقَه فننظر في اختلاف رواته وحفظهم وإتقانهم، وكثيرًا ما يُعلِّلُون الموصول بالمرسل، بأن يجيء الحديث بإسناد موصولاً وبإسناد أقوى منه مرسلاً، فَيُوهم أن الواصل غير ضابط.

وقد تقع العلة في الإسناد والمتن، والأول أكثر، فما وقع في الإسناد يقدح في المتن، وما وقع في المتن يقدح في الإسناد والمتن جميعًا؛ كالتَّعليل بالإرسال والوقف.

وقد يقدح في الإسناد خاصة؛ كحديث يَعْلَى بن عُبَيد عن الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " البَيِّعان بالخيار" (١)، وهذا إسناد


(١) أخرجه هكذا الخليلي في الإرشاد (١/ ٣٤١).

<<  <   >  >>