ذكر أبو بكر الفارسي في عيون المسائل عن الشافعي أنه قال: لو تيمم، ثم استنجي لا يجوز، ولو توضأ بالماء ثم استنجي يجوز.
من أصحابنا من جعل المسألتين على قولين نقلا وتخريجًا.
ومنهم من أقر النصين قرارهما، وفرق بينهما بأن في التيمم طلب الماء شرط وواجب عليه الاستنجاء وذلك يبطل التيمم، فصار كما لو تيمم ثم رأي سوادا أو رفقة أو غيره يبطل تيممه حين يجب عليه طلب الماء بخلاف الوضوء، لأن طلب الماء هناك لا يبطل الوضوء.
فإن قيل: لو كان على بدنه نجاسة فتيمم، وجب أن يبطل تيممه أيضا؛ لأن طلب الماء واجب عليه أيضا ها هنا.
قلنا: إن كان عالمًا في ابتداء التيمم لا يبطل تيممه بعد ذلك، لأنه إذا طلب الماء في الابتداء فذاك الطلب يقع عنهما، لأن طلب الماء متعين عليه، لأنه لا يجوز فيه الاقتصار على الأحجار، فعلى هذا لو لم يعلم بالنجاسة حتى تيمم، أو طرأ النجاسة على بدنه بعد التيمم بطل تيممه بذلك؛ لأنه تجدد عليه الطلب لذلك.