للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مسألة]

قد ذكرنا أنه إذا كا في الصحراء فإنه يصلي بالاجتهاد في جهة القبلة حتى لو صلى من غير الاجتهاد على التبخيت فإنه لا يصح، وإن تبين له أنه أصاب جهة القبلة، لأنه ترك ما هو فرض عليه، فإذا دخل عليه وقت الصلاة، فاجتهد في القبلة، وأدى اجتهاده إلى جهة، فإنه يصلي إليها، فإذا دخل عليه وقت صلاة أخرى، فإنه يجب عليه أن يجتهد في القبلة ثانيًا، فلو اجتهد وإن أدى اجتهاده إلى تلك الجهة بعينها فلا كلام.

فأما إذا أدى اجتهاده إلى جهة أخرى ينظر فيه، فإن كان اجتهاده الثاني دون اجتهاده الأول، فإنه لا عبرة به أيضًا، ويصلي إلى الجهة التي صلى إليها أولا، وإن كان مثل اجتهاده الأول، فإنه يكون كالمتحير يصلي إلى أي الجهتين شاء، ويقضي الصلاة الثانية دون الأولى، ولكن لا يعصي بذلك حتى لو صلى إلى جهة ثالثة فإنه يعصي ويأثم، ويلزمه قضاء تلك الصلاة.

فأما إذا كان اجتهاده الثاني أقوي من اجتهاده الأول، فإنه قد تغير اجتهاده، وينحرف إلى الجهة الأخرى، ويصلي إليها، ولا قضاء عليه، وكذلك إذا دخل عليه وقت صلاة ثالثة أو رابعة، وأكثر على التفصيل الذي ذكرنا حتى لو كان اجتهاده الثالث أقوي من الثاني، وأكثر على التفصيل الذي ذكرنا حتى لو كان اجتهاده الثالث أقوي من الثاني، فإنه يصلي إليها، وكذا لو كان اجتهاده الرابع أقوى من الثالث حتى لو صلى أربع صلوات إلى أربع جهات بأربع اجتهادات، فإنه يصح ولا قضاء عليه.

قال أبو إسحاق الإسفراييي الأستاذ الإمام رحمة الله عليه: إنه إذا صلى أربع صلوات إلى أربع جهات بأربعة اجتهادات يلزمه قضاء الكل؛ لأنه تيقن أنه مصيب في واحدة منهن، ومخطيء في الثلاثة ولا يمكنه معرفة الخطأ من الصواب منهن، فيلزمه قضاء الكل ليتحقق فراغ ذمته عن الكل كما لو نسي صلاة من صلوات يوم وليلة، فإنه يلزمه قضاء خمس صلوات لما ذكرنا من المعنى كذا هذا مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>