فعلى قولين: أحدهما: أنه يكون فرضًا على الكافة، لأنه لا يتعذر على كل أحد معرفتها، بخلاف دقائق المسائل.
والثاني: يجب على الكفاية، فعلى هذا إذا كان في الصحراء فإن أدى اجتهاده إلى جهة أو لم يكن م أهل الاجتهاد إن قلنا: إن المعرفة دلائل القبلة تكون فرضًا على الكافة، فليس له أن يقلد أحدًا في ذلك، بل يصلي على التبخيت ويعيد.
وإن قلنا: يكون فرضًا على الكفاية، فعلى هذا يقلد من كان عارفًا بها، ويصلي ولا يعيد، وحكم الأعمي إذا دخل مسجدا في البلدة كحكم البصير إذا دخل ذلك المسجد في ليلة ظلماء وقد ذكرنا.
وأما معرفة القبلة إنما يكون بدلائل كثيرة أقواها القطب، وأضعفها ريح الشمال، فأما القطب فإنه كوكب صغير في بنات نعش الصغرى، فينبغي أنه إذا وقف الإنسان في الصلاة أن يكون ذلك الكوكب خلف أذنه اليمني بحيث إنه لو سلم أول تسليمة يقع بصر عينه اليمني عليه، وقد يستدل أيضًا عليها بالشمس والقمر والنجوم وكذلك إذا هبت ريح الشمال في بعض البلاد، فإنه يمكن أن يستدل بها على جهة القبلة، لأنها تهب على يسار القبلة، فيجعلها الإنسان على يمينه ويصلي إلى تلك الجهة، وتصح صلاته وهو أضعف الدلائل عليه، والله أعلم بالصواب.