وقال أبو حنيفة: المشرق قبلة لأهل المغرب، والمغرب قبلة لأهل المشرق، والجنوب قبلة لأهل الشمال، والشمال قبلة لأهل الجنوب.
فأما إذا كان نائيًا عن (مكة) نظر فيه، فإن كان بـ (المدينة) فلا يجوز له أن يجتهد في القبلة أيضا يصلي نحو قبلة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كالنص أيضا، فأما إذا كان في غير المدينة من سائر البلاد، فإذا دخل مسجدًا، وفيه محاريب لا يجوز له أن يجتهد في القبلة، بل يصلي مستقبل القبلة باعتبار تلك المحاريب، ولو استدبر تلك المحاريب لا يجوز.
فأما إذا انحرف عنها قليلا بالاجتهاد يجوز، فأما إذا دخل مسجدا منها في ليلة ظلماء فإن وجد فيه محرابًا يصلي إلى جهته، وإن لم يجد شيئًا من المحاريب يصلي على البحث ويقضي، وإن وجد فيها كوة واحدة فإنها كالمحراب، فأما إذا كان فيه ثقب كثيرة على جوانب المسجد، وكان الكل على نمط واحد، فإنه يصلي ويعيد، فلو كان على واحدة منها علامة المحراب بأن كان بجنبه وتد السراج ونحوه، فإنه يصلي نحوه ولا يعيد.
فأما إذا كان في الصحراء وهناك محراب متخذ من حجر وغيره، فإن كان ذلك الطريق مما يمد به الخلق كثيرًا والجم الغفير، وكان المحراب قديمًا فإنه يصلي نحوه ولا يجتهد في القبلة، فإن كان المحراب محدثًا أو لم يمر به الخلق الكثير فإنه لا يصلي به، بل يجتهد في عين القبلة، فأما إذا كان في الصحراء، ولم يجد المحراب فإنه يجتهد في القبلة، ويصلي حتى لو صلى من غير الاجتهاد على التبخيت فإنه يعيد الصلاة وإن أصاب عين الكعبة كما لو حكم الحاكم من غير الاجتهاد جزافًا فإنه لا يصح، وإن أصاب حكمه موافقًا للنص والقياس.
فأما معرفة دلائل القبلة، هل تكون فرضًا على الكافة، أو فرضًا على الكفاية؟