إذا تقدم المأموم في الجهة التي يتوجه الإمام إلى تلك الجهة لا تصح صلاته، لأنه لا يتحقق منه الاقتداء به لتقدمه على الإمام في تلك الجهة.
وقال مالك: تصح صلاته كما لو تقدم عليه، وكان في غير الجهة التي توجه إليها الإمام، وهكذا قال في سائر الأماكن قياسًا على هذا الموضع.
وقيل: إن هذا قول قديم للشافعي، والفرق بينهما ما ذكرنا أن في سائر الأماكن فيما إذا كان في الجهة التي توجه الإمام إليها كان مستدبرا للإمام، فلا تصح صلاته بخلاف ما إذا كان في غير الجهة التي توجه الإمام إليها.
فأما إذا كان الإمام والقوم في البيت فإنه لو استقبلهم الإمام وهم يستقبلونه، أو استدبرهم وهم يستدبرونه، أو وقف الإمام بجنب المأموم على يمينه، أو على يساره، فإنه تصح صلاتهم، ولو استقبلهم الإمام وهم يستدبرونه لا تصح صلاتهم، لأنهم تقدموا على الإمام في الجهة التي توجه الإمام إليها، فلا تصح صلاتهم كما لو كان خارج البيت فلو استقبلهم الإمام وهم يستقبلونه تصح صلاتهم، ولو استقبلهم وهم يستدبرونه لا تصح، ولو استدبرهم الإمام وهم يستقبلونه تصح، ولو استدبرهم وهم يستدبرونه أيضًا لا تصح، لأنهم لم يتوجهوا نحو القبلة.
فأما إذا كان الإمام خارج البيت والقوم في البيت، فلو استقبلهم الإمام، وهم يستقبلونه تصح، وإن استدبرهم أو استقبلهم وهم يستدبرونه لا تصح صلاتهم ولو وقفوا بحذاء الباب، وكان الباب مجافًا أو كان مفتوحًا، وكانت العتبة قدر مؤخرة الرحل حكمه حكم سائر الجوانب، وإن كانت لاطئة بالأرض، ولم يبلغ طولها ذلك القدر، وكان يحاذي للباب، فإنه لا تصح صلاته لأنه لم يتوجه إلى غير الكعبة.
وقال مالك: البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل مكة، ومكة قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الآفاق.