فأما المأمومون فينبغي لهم أن يقوموا حوالي الكعبة حتى يكون الكل محاذين للكعبة.
فأما إذا سووا الصفوف من وراء الإمام، فكل من كان محاذيًا بالجهة الكعبة بجميع بدنه لا تصح صلاته، وكل من كان محاذيًا للكعبة ببعض بده دون البعض ففيه قولان، وهكذا حكم الصف الثاني والثالث.
وقال أبو حنيفة: تصح صلاة الكل، لأن عنده إصابة عين الكعبة ليست بشرط بل إصابة جهة الكعبة شرط، وهكذا عندنا من كان غائبًا عن الكعبة الصحيح أنه ينوي ويعتقد إصابة عين الكعبة، وفيه قول آخر ينوي إصابة جهة الكعبة، والنص يدل عليه، لأنه قال: وإن كان مغيبًا فبالاجتهاد وبالدلائل على صواب جهة الكعبة، وقال بعده: ومن اجتهد فصلى إلى الشرق، ثم رأى القبلة إلى المغرب استأنف، لأن عليه أن يرجع من خطأ جهتها إلى يقين صواب جهتها، فإن قيل: كيف يعتقد من كان غائبًا عنها إصابة عين الكعبة، ولا يمكن لكل من كان غائبًا أن يقف محاذيًا لها؛ لأن عين الكعبة صغير.
قلنا: الشيء إذا وقع في محاذاة الشيء فكل ما كان أبعد منه كان أقرب منه محاذاة، ألا ترى أن قرص الشمس مثل رغيف في أعيننا، ومع ذلك يمكن لكل واحد من المشرق إلى المغرب محاذاتها مع ما بينهما من البعد، وكذلك لو كان جماعة في صحراء، فظهر لهم ميل، وكل واحد منهم يقول: إنه يحاذي الميل، وإن كان إذا دنا منهم في الحقيقة واحد منهم كان محاذيًا له لا غير كذا هذا مثله.
فأما إذا صلوا خلف الإمام حلقة حول الكعبة، فإن كان بعض المأمومين أقرب إلى البيت من الإمام ينظر فيه، فإن كان في غير الجهة التي توجه الإمام إليها لا يضر، وإن كان في الجهة التي توجه الإمام إليها لا تصح صلاته، والحد منه أنه