فدل أنه ليس سؤرهن بنجس إلا سؤال الكلب والخنزير، قال القاضي حسين: قوله: والذباب لا يؤكل لم يرد به أنه ليس مأكولا، إذ لا يشتبه ذلك على أحد، ولكن قصد به التعليل، وأنه غير مأكول، ومع ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمقله في الطعام.
دل على أن الحكم لا يدور على المأكول في طهارة السؤر ونجاسته، كما قال أبو حنيفة، بل الأمر على ما بيناه.
وقوله:(وغمس الذباب في الإناء ليس يقتله).
قال القاضي حسين: إنما قال ذلك مع أبي حنيفة، حيث أستدل به على أن ما ليس له نفس سائلة من الحيوانات إذا مات في طعام لا ينجسه عنده، ووجه الاستدلال له أنه أمر بالغمس فيه، فلو كان ينجسه إذا مات فيه لما أمر بذلك.
فأما ألبان ما لا يؤكل لحمه لا لحرمته، فنجسة على ظاهر المذهب.
والقياس أنها طاهرة كالعرق والريق، إلا أن الصحيح أنها نجسة، لأن اللبن مما يتغذى به، كاللحم سواء، وإنما يعفي عن العرق والريق وغيره لعموم البلوى به.
وقال الإصطخري: لبن الأتان طاهر كعرقه.
قال المزني: فإن مات ذباب أو خنفساء أو نحوهما في إناء، نجسه.
وقال في موضع آخر، إن وقع الماء أو نحوهما في إناء، نجسه.
وقال في موضع آخر: إن وقع في الماء الذي ينجسه مثله، إذا كان مما له نفس سائلة.
قال المزني: هذا أولى بقول العلماء، وقوله معهم أولى به من انفراده عنهم، قال: وإن وقعت فيه جرادة ميتة، أو حوت، لم تنجسه، لأنهما مأكولان ميتين.