لأن الشافعي قال في كتاب أدب القاضي، فإما أن يقلده، فلم يجعل الله ذلك لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما ما يؤخذ من جهة النبي عليه السلام هل يسمى تقليدًا أم لا؟
فيه وجهان:
أحدهما: يسمى تقليدًا.
والوجه الثاني: أن ذلك لا يكون تقليدًا، لأن التقليد إنما يكون قبول قول من يخبر عن الصدق وعن الكذب، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يخبر إلا عن صدق.
وهذا بناء على أصل: وذلك أن التقليد ماذا؟
منهم من قال: التقليد: قبول قول من لا يجب عليك قبول قوله.
فعلى هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم، لا يكون تقليدًا، لأنه وجب علينا قبول قوله. وقيل: هو قبول قول الغير من غير حجة، وهو ممن يجوز عليه الغلط والغفلة ويقر على الخطأ، فعلى هذا أيضا قبول قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون تقليدًا، لأنه عليه السلام لا يقر على الخطأ.
ومنهم من قال: التقليد: قبول قول من لا يدري من أي موضع يقول:
فعلى قول هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم يكون تقليدًا لأنا لا ندري أنه عليه