للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المزني: رحمه الله: قد احتج الشافعي في كتاب الصيام فيمن اجتهد، ثم علم أنه أخطأ، أن ذلك يجزئه، بأن قال: وذلك أنه لو توخي القبلة، ثم علم بعد كمال الصلاة: أنه أخطأ أجزأت عنه، كما يجزئ ذلك في خطأ عرفة، واحتج أيضا في كتاب الطهارة، بهذا المعنى، فقال إذا تأخى في أحد الإنائين، أنه طاهر والآخر نجس، فصلى ثم أراد أن يتوضأ ثانية، فكان الأغلب عنده: أن الذي ترك هو الطاهر، لم يتوضأ بواحد منهما، ويتيمم، ويعيد كل صلاة صلاها بتيمم، لأن معه ماء متيقنًاـ، وليس كالقبلة يتأخاها في موضع، ثم يراها في غيره لأنه ما م ناحية إلا وهي قبلة لقوله.

قال المزني: فقد أجاز صلاته، وإن أخطأ القبلة في هذين الموضعين، لأنه أدى ما كلف ولم يجعل عليه إصابة العين، للعجز عنها في حال الصلاة.

قال المزني: وهذا القياس على ما عجز عنه المصلى في الصلاة، من قيام، وقعود وركوع، وسجود وستر أن فرض الله كله ساقط عنه، دون ما قدر عليه من الإيماء عريانًا، فإذا قدر من بعد، لم يعد فكذلك إذا عجز عن التوجه إلى عين القبلة، كان عنه أسقط، وقد حولت القبلة، ثم صلى أهل قباء ركعة إلى غير القبلة، ثم أتاهم آت، فأخبرهم أن القبلة قد حولت، فاستداروا وبنوا بعد يقينهم، أهم صلوا إلى غير قبلة، ولو كان صواب عين القبلة المحول إليها فرضًا ما أجزأهم خلاف الفرض، لجهلهم به، كما لا يجزيء من توضأ بغير ماء طاهر لجهله (به)، ثم استيقن أنه غير طاهر فتفهم رحمك الله.

قال المزني: ودخل في قياس هذا الباب، أن من عجز عما عليه من نفس الصلاة، أو ما أمر به فيها، أو لها: أن ذلك ساقط عنه، لا يعيد إذا قدر، وهو أولى بأحد قوليه، من قوله فيمن صلى في ظلمة، أو خفيت عليه الدلائل، أو به دم، لا

<<  <  ج: ص:  >  >>