للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والصلاة النفل في حق المسافر والعذر عنه، إن تلك الجهة وإن صارت قبلة لقوم في حال، فإنما صارت قبلة لهم بعذر وبضرورة ثبتت في حقهم، وها هنا لم يوجد ذلك المعنى في حقه، فأشبه ما إذا تطهر ثم تبين له أنه استعمل الماء النجس فيلزمه إعادة الصلاة لكونه غير معذور فيه كذا هذا، وهذا هو الجواب عن قوله: إنه أدى ما كلف.

قلنا لا نسلم، بل أدى غير ما كلف، لأنه مفرط فيه، بل الواجب عليه أن يمعن في الطلب، ويبالغ فيه حتى يبين له في الابتداء ما يبين في الاخرة، فأشبه ما إذا طلب الماء، ونسي الماء في رحله، وصلى فإنه تلزمه الاعادة كذا هذا مثله، واحتج أيضا بما إذا عجز المصلي عنه في الصلاة من القيام، أو القعود، أو الركوع والسجود أو الستر، أو كان محبوسًا في حش، أو به دم سائل، فإنه يصلي كيفما أمكنه، وأن فرض الله كله ساقط عنه دون ما قدر عليه من الإيماء عريانًا، فإذا قدر من بعد لم يعد، والعذر عنه ما ذكرنا في باب التيمم، أن الأعذار على قسمين والفرق بينهما ما ذكرنا من أنه قد تحقق العذر في حقهم فلهذا أسقط عنهم الصلاة ها هنا بعكسه، واحتج أيضًا بقصة أهل قباء، أنهم كانوا في الصلاة، فأخبرهم آت أن القبلة حولت، فاستداروا وبنوا بعد يقينهم انهم صلوا إلى غير قبلة، أو كان صواب عين القبلة المحول إليها فرضًا لما أجزأهم خلاف الفرض لجهلهم به، كما لا يجزئ من توضأ بغير ماء طاهر لجهله، ثم استيقن أنه غير طاهر.

قلنا: الفرق بينهما أن قبلتهم في الابتداء التي توجهوا إليها، فإذا نسخت فحكم النسخ لا يلحقهم إلا بعد بلوغ الخبر إليهم، فلهذا لا يطالبون بقضاء ما مضى قبل بلوغ النسخ إليهم، وها هنا بخلافه.

قال المزني: قال الشافعي: ولو دخل غلام في صلاة، فلم يكملها أو صوم يوم، فلم يكمله، حتى استكمل خمس عشرة سنة، أحببت أن يتم، ويعيد، ولا يبين أن عليه إعادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>