ولأنه لما افترض على المسلم الصلاة أولاً، فالصلاة لا تصح إلا بالطهارة، والطهارة لا تصح إلا بالماء، فلهذا اشتغل بذكر أحكام المياه.
وكما قال الرسول عليه السلام: مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم.
فإن قيل: فلم أسند المزني كتاب الله تعالى إلى الشافعي فقال: قال الشافعي: قال الله تعالى: وأنزلنا من السماء ماء طهورًا. الاية.
وكتاب الله تعالى، أشهر من أن يسند إلى أحد؟
قلنا إنما فعل ذلك، لأن الشافعي رحمه الله كانت عادته أنه إذا اراد أن يصدر بابًا، فإن كان في ذلك الباب آية تلاها، وإن كان هناك سنة رواها، وإن كان أثر حكاه، ثم رتب عليه مسائل الباب.
فلهذا المعنى فعل ذلك حتى يعلم أن الشافعي هو المحتج بالآية لا هو.
فإن قيل: فلم قال وأنزلنا، وهذا لفظ الجمع، والله تعالى واحد لا شريك له.
قلنا إنما ذكر ذلك، لأن عادة الملوك والجبابرة أنهم يقولون، فعلنا كذا وصنعنا كذا والله تعالى أجبر الجبابرة والجبروت، والعظمة لا تكون على الحقيقة إلا لله تعالى.