ومن ألفاظ العموم والإضافة إِلى ما تصح الإضافة إليه من ألفاظ العموم، كقوله عليه السلام: "فِي سَائِمَةِ الغَنَمِ الزَّكَاةُ".
فَصْلٌ
فإذا ثبت ذلك وورد شيء من ألفاظ العموم المذكورة، وجب حملها على عمومها إلَّا أن يدل الدليل على تخصيص شيء منها، فيصير إلى ما يقتضيه الدليل، وقال القاضي أبو بكر: "يتوقف فيها ولا تحمل على عموم، ولا خصوص حتى يدل الدليل على ما يراد به.
وقال أبو الحسن بْنُ الْمُنْتَابِ: يحمل على أقلّ ما تقتضيه الألفاظ.
والدليل على ما نقوله ما قدمناه من كونها معرفة وإنما تكون معرفة إذا اقتضت استغراق الجِنْسِ، فيتميز ما يقع تحتها من غيره ولو لم يرد بها جميع الجنس لكانت نكرة لأنه لا يتميز المراد بها من غيره، إِذ قد بَقِيَ من جنسه ما يقع عليه هذا اللفظ.
ولذلك قلنا: إِن لفظ الجمع إِذا كان نكرة لا يقتضي من جنسه ما لم يرد باللَّفظ.
ولذلك قلنا: إِن لفظ الجمع إِذا كان نكرة لا يقتضي استغراق الجنس، لأنه لو اقتضى استغراق الجنس لكان معرفة.
فَصْلٌ
وَإِذا دل الدليل على تخصيص ألفاظ العموم بقي على ما يتناوله اللفظ العام، بعد التخصيص على عمومه، أَيضًا يحتج به كما كان يحتجّ به لو لم يخصص بشيء منه، وذلك نحو قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: الآية ٥].
فإن هذا اللفظ يقتضي قَتْلَ كل مشرك، ثم خصّ ذلك بأن منع من قتل من (دفع) الجزية من أهل الكتاب، فبقي الباقي على ما كان عليه من وجوب القتل، يحتج به في وجوب قتل المشركين غير من قد خرج بالتخصيص المذكور.
وكذلك لو ورد تخصيص آخر لبقي باقي اللفظ العامّ على ما كان عليه قبل التخصيص، ويجوز أن يَرِدَ التخصيص والبيان مع اللفظ العام، ويجوز تأخيره عنه إلى وقت فعل العِبادة، ولا يجوز أن يتأخَّر عن ذلك الوقت.