ركعتين، حتى يبتدأ أربع ركعات، وكذلك لو أمر بجلد ثمانين في الخَمْر، ثم نقص منها، فإنَّه لا يكون نسخًا لجميع الحدّ، وإِنما يكون نسخًا لأربعين فقط.
فَصْلٌ
ذهب جمهور الفقهاء إلى أَنَّ النسخ لا يدخل في الأخبار، وقالت طائفة: يدخل النَّسْخُ في الأخبار، والصحيح من ذلك أن نفس الخبر لا يدخله النسخ، لأن ذلك لا يكون نسخًا، وِإنما يكون كذبًا، لكن إِن ثبت بالخبر حكم من الأحكام جاز أن يدخله النَّسْخ.
فَصْلٌ
يجوز نسخ العبادة بمثلها، وبما هو أخف منها وأثقل، وعليه جمهور الفقهاء، ومنع قوم نسخ العبادة بما هو أثقل منها.
وَالدَّليل على ما نقوله إن اللَّه تَعَالَى قد أوجب على المكلفين ما يشقّ عليهم إيجابه، وحرم عليهم ما يشق عليهم تحريمه، وإِذا جاز أن يبتدئ التعبد بما هو أثقل عليهم من حكم الأصل، جاز أَيضًا أن ينسخ عنهم العبادة بما هو أثقل عليهم منها.
فَصْلٌ
إذا وردت التلاوة متضمنة حُكمًا واجبًا علينا من تحريم، أو فرض أو غير ذلك من العبادات، وأمرنا بتلاوتها، فإِن فيها حكمين:
أحدهما: ما تضمنته من العبادة.
والثاني: ما ألزمناه من حفظها وتلاوتها، وذلك بمثابة ما لو تضمن الخبر حكمين:
أحدهما: صومًا.
والآخر: صلاة، فإذا ثبت ذلك جاز نسخ الحكم مع بقاء التلاوة وجاز نسخ التلاوة مع بقاء الحكم.
فأما نسخ الحكم مع بقاء التلاوة، فهو مثل نسخ حكم التخيير بين الصوم والفدية لمن أطاق الصوم، ونسخ الوصية للوالدين والأقربين، ونسخ تقدير الصدقة عند مناجاة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وإن بقيت التلاوة لذلك كله.