ومنه قوله تعالى:(والله خلق كل دابةٍ من ماءٍ فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربعٍ)[النور /٤٥].
غلب على كل دابة حكم من يعقل، فعاد عليه ضمير من يفعل، وفصل تفصيله.
وتكون (من) بمعنى الذي وفروعه، ويجوز في ضميرها اعتبار المعنى، واعتبار اللفظ، وهو أكثر، كقوله تعالى:(ومنهم من يؤمن به)[يونس /٤٠]. وقوله تعالى:(ومن يقنت منكن لله ورسوله)[الأحزاب /٣١].
واعتبار المعنى عربي جيد، كقولهم:(من كانت أمك) وقول الشاعر: [من الطويل]
٤٣ - تعش فإن عاهدتني لا تخونني ... نكن مثل من يا ذئب يصطحبان
وقال عز وجل:(ومنهم من يستمعون إليك)[يونس /٤٢].
وأما (ما) فتجري مجرى (من) في جميع ما ذكر، إلا أنها لا تكون لمن يعقل، وإنما تكون لما لا يعقل، نحو قوله تعالى:(والله خلقكم وما تعملون)[الصافات /٩٦]، ولصفات من يعقل، نحو قوله تعالى:(فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع)[النساء /٣]، وللمبهم أمره، كقولك لمن أراك شبحًا، لا تدري أبشر هو أم مدر: رأيت ما رأيت؟.
ولا تطلق (ما) على من يعقل، إلا مع غيره، نحو قوله عز وجل:(ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض)[النحل /٤٩].
وأما الألف واللام فتكون اسمًا موصولا بمعنى (الذي) وفروعه، ويلزم في ضميرها اعتبار المعنى نحو: جاء الضارب والضاربة، والضاربان والضاربتان، والضاربون