للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكان جزاءاً وفاقًا أن شرع الإسلام للمرتد والباغي عقوبة القتل (١) .

وهذا القتل الذي جعله رب العزة عقوبة وحداً للمرتد والباغي، وصفه عز وجل بأنه خزي لهم في الدنيا، ولهم في الآخر عذاب عظيم، وهذا ما ختمت به آية المحاربة قال تعالى: {ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم} . (٢)

٢- ويدل أيضاً على قتل المرتد قوله تعالى: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً. ملعونين أينما ثقفوا أُخِذُوا وقُتِّلُوا تقتيلاً. سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً} . (٣)

قال الحسن البصري: أراد المنافقون أن يظهروا ما في قلوبهم من النفاق، فأوعدهم الله في هذه الآية فكتموه وأسرُّوه. (٤)

وهذا يعني أن المنافق حين يظهر كفره، ويطعن في دين الله عز وجل، يُأْخَذْ ويُقْتَلْ عقاباً له.


(١) نظرة القرآن إلي الجريمة والعقاب صـ ٢٥٢.
(٢) الآية ٣٣ المائدة. قال الحافظ في فتح الباري ١٢/١١٤ رقم ٦٨٠٥،أشكل ختام آية المحاربة مع حديث عباده الدال على أن من أقيم عليه الحد في الدنيا كان له كفارة، فإن ظاهر الآية أن المحارب يجمع له الأمران، والصحيح: أن حديث عباده مخصوص بالمسلمين بدليل أن فيه ذكر الشرك مع ما انضم إليه من المعاصي، كما حصل الإجماع على أن الكافر إذا قُتِلَ على شركه فمات مشركاً أن ذلك القتل لا يكون كفارةً له، وقام إجماع أهل السنة على أن من أُقيم عليه الحد من أهل المعاصي كان ذلك كفارة لإثم معصيته، والذي يضبط ذلك قوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) الآية ٢٨ النساء. والله أعلم أهـ.
(٣) الآيات ٦٠ - ٦٢ الأحزاب.
(٤) الصارم المسلول صـ ٣٤٨، ٣٤٩، وينظر: الدر المنثور ٥ /٢٢٢، وروح المعاني للألوسي ٢٢ / ٩٠، ٩١.

<<  <   >  >>