للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسؤال هنا: هل هناك شك في أن المرتد عن دين الإسلام منافق؟ يسعى إلي تفريق جماعة المسلمين، وإفساد دينهم عليهم؟ ! .

فالمرتد كما سبق وأن قلنا: إن كانت ردته بينه وبين نفسه، دون أن ينشر ذلك بين الناس، ويثير الشكوك في نفوسهم، فلا يستطيع أحد أن يتعرض له بسوء، فالله وحده هو المطلع على ما تُخفِي الصدور.

أما إذا أظهر المرتد عن دين الإسلام ردته، وأثار الشكوك في نفوس المسلمين بالنطق بكلمة الكفر، وإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة.

كان حاله في هذه الحالة حال المنافق الذي يُظهر ما في قلبه من الكفر والنفاق؛ وجهاده واجب عملاً بقوله تعالى:

٣- {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جنهم وبئس المصير.

يحلفون ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله من فضله فإن يتوبوا يكُ خيراً لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذاباً أليماً في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من وليِّ ولا نصير} (١)

ووجه الدليل في الآيتين: أن الله أمر رسوله (بجهاد المنافقين، كما أمره بجهاد الكافرين وأن جهادهم يمكن إذا ظهر منهم؛ من القول أو الفعل ما يُوجب العقوبة، فإنه ما لم يظهر منهم شئ البتة لم يكن لنا سبيل عليهم.

فإذا ظهر منهم كلمة الكفر كما قال الله عز وجل {وكفروا بعد إسلامهم} فجهادهم بالقتل وهو العذاب الأليم الذي توعدهم به عز وجل في الدنيا بقوله: {وإن يتولوا يعذبهم الله عذاباً أليماً في الدنيا والآخرة} .

٤- وهذه الآية نظير قوله تعالى {قل هل تربصُّون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا} . (٢)


(١) الآيتان ٧٣، ٧٤ التوبة.
(٢) الآية ٥٢ التوبة، وهذه الآية نظير قوله تعالى (سنعذبهم مرتين ثم يردُون إلي عذاب عظيم) الآية ١٠١ التوبة. والمراد بالمرة الأولي: في الدنيا بقتلهم، والثانية: في البرزخ في قبورهم، ينظر: تفسير القرآن العظيم ٤/١٤٣،١٤٤، وفتح
الباري ٣/٢٨٦ رقم ١٣٦٩.

<<  <   >  >>