للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله تعالى: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون. اتخذوا إيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون} . (١)

فدلت هذه الآيات أن المنافقين كانوا يُرضون المؤمنين بالأيمان الكاذبة، وينكروا أنهم كفروا، ويحلفون أنهم لم يتكلموا بكلمة الكفر. وذلك دليل علي أنهم يُقتلون إذا ثبت عليهم ذلك بالبينة.

وكذلك المرتد إذا أظهر ردته، ونطق بكلمة الكفر، وثبتت عليه البينة؛ قُتِلْ.

الوجه الثاني: أنه (كان يخاف أن يتولد من قتلهم من الفساد أكثر من استبقائهم، وقد بين

ذلك رسول الله (حين استأذنه عمر (٢) في قتل رجل من المنافقين أنكر قسمته (فقال: صلى الله عليه وسلم معاذ الله! أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي. (٣)

فإنه لو قتلهم بما يعلمه من كفرهم لأوشك أن يظن الظانَّ أنه إنما قتلهم لأغراض وأحقاد (٤)

وبالجملة كان ترك قتلهم مع كونهم كفاراً، لعدم ظهور الكفر منهم بحجة شرعية، فإذا ظهر استحقوا القتل بصريح القرآن الكريم، والسنة النبوية، والسيرة العطرة التي ورد فيها إهدار دماء بعضهم.


(١) الآيتان ١، ٢ المنافقون.
(٢) وهذا لا ينافي ما ورد في الرواية السابقة من استئذان خالد بن الوليد، لاحتمال أن يكون كل منهما استأذن في ذلك. ينظر:
فتح الباري ٩/٧١٥ رم ٣٦١٠، ونيل الأوطار ١ / ٢٨٩.
(٣) أخرجه مسلم (بشرح النووي) كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج ٤ / ١٧٠ رقم ١٠٦٤ من رواية جابرعبد الله رضي الله عنه.
(٤) ينظر: الصارم المسلول صـ ٣٥٥ - ٣٥٨ بتصرف، وفتح الباري ١٢/٢٨٥،٢٩٤رقمي ٦٩٢٣، ٦٩٦٢.

<<  <   >  >>