يخالفه الظاهر من قوله:" وَهُوَ مَعَكُمْ "[الحديد: ٤]، وقوله – صلى الله عليه وسلم –:" إذا قام أحدكم إلى الصلاة، فإن الله قِبَلَ وجهه "(١)، ونحو ذلك فإن هذا غلط.
وذلك أن الله معنا حقيقة، وهو فوق العرش حقيقة، كما جمع الله بينهما في قوله – سبحانه وتعالى –:" هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "[الحديد: ٤].
فأخبر أنه فوق العرش، يعلم كل شيء، وهو معنا أينما كنا؛ كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – في حديث الأوعال:" والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه ". اهـ.
واعلم أن تفسير المعية بظاهرها على الحقيقة اللائقة بالله – تعالى – لا يناقض ما ثبت من علو الله – تعالى – بذاته على عرشه، وذلك من وجوه ثلاثة:
الأول: أن الله – تعالى – جَمَعَ بينهما لنفسه في كتابه المبين المُنَزَّهِ عن التناقض، وما جَمَعَ الله بينهما في كتابه فلا تناقض بينهما.
وكل شيء في القرآن تظن فيه التناقض فيما يبدو لك فَتَدَبَّرْهُ حتى يتبين لك، لقوله تعالى:" أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً"[النساء: ٨٢]، فإن لم يتبين لك فعليك بطريق الراسخين في العلم الذين يقولون: " آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ
(١) أخرجه البخاري (٧٥٣)، ومسلم (٥٤٧) من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما –.