للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عِنْدِ رَبِّنَا " [آل عمران: ٧]، وَكِلِ الأمرَ إلى مُنْزِلِهِ الذي يعلمه، واعلم أن القصور في علمك أو في فهمك، وأن القرآن لا تناقض فيه (١).

وإلى هذا الوجه أشار شيخ الإسلام في قوله فيما سبق: (كما جمع الله بينهما).

وكذلك ابن القيم كما في مختصر الصواعق لابن الموصلي (ص ٤١٠ ط الإمام) في سياق كلامه على المثال التاسع مما قيل: إنه مجاز، قال: (وقد أخبر الله أنه مع خلقه مع كونه مستويًا على عرشه، وَقَرَنَ بين الأمرين كما قال تعالى - وذكر آية سورة الحديد - ثم قال: فأخبر أنه خلق السموات والأرض، وأنه استوى على عرشه، وأنه مع خلقه يبصر أعمالهم من فوق عرشه؛ كما في حديث الأوعال: " والله فوق العرش يرى ما أنتم عليه " فَعُلُوُّهُ لا يُنَاقِضُ معيتَهُ، ومعيتُهُ لا تبطل علوه؛ بل كلاهما حق). اهـ.

الوجه الثاني: أن حقيقة معنى المعية لا يناقض العلو، فالاجتماع بينهما ممكن في حق المخلوق فإنه يقال: (مازلنا نسير والقمر معنا)، ولا يعد ذلك تناقضًا، ولا يفهم منه أحد أن القمر نَزَلَ في الأرض، فإذا كان هذا ممكنًا في حق المخلوق، ففي حق


(١) قال ابن القيم في مدارج السالكين (٢/ ٣٣٤): وهكذا الواقع في الحقيقة: أنه ما اتهم أحد دليلا للدين إلا وكان المتهم هو الفاسد الذهن، المأفون في عقله وذهنه؛ فالآفة من الذهن العليل لا في نفس الدليل.
وإذا رأيت من أدلة الدين ما يشكل عليك، وينبو فهمك عنه؛ فاعلم أنه لعظمته وشرفه استعصى عليك، وأن تحته كنزًا من كنوز العلم ولم تؤت مفتاحه بعد - هذا في حق نفسك -.
وأما بالنسبة إلى غيرك: فاتهم آراء الرجال على نصوص الوحي، وليكن ردها أيسر شيء عليك للنصوص؛ فما لم تفعل ذلك فلست على شيء ولو .. ولو ..

<<  <   >  >>