للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تهديد ووعيد للمصلين , والآية ليست هكذا , الآية موصولة: " الذين هم عن صلاتهم ساهون " [الماعون] فَصِلِ الآيةَ ترتفعُ الشبهةُ ويزولُ الإشكال.

ومما ادعى فيه المعترض على أهل السنة: أنهم أولوا نصوص المعية، وهذا مبنيٌ على أنَّ حقيقة المعية تقتضي الاتصال والمخالطة وهذا ممنوع؛ بل يختلف مدلولها باختلاف ما تضاف إليه (مع)؛ فلهذا كان الأئمة يكتفون بقولهم: إنَّ الله معهم بعلمه , أخذًا من الآية (١) , فإن الآية بدأت بالعلم وختمت بالعلم , وهذا لا ينافي أن نقول: إنه معهم بعلمه وبسمعه، لأنه يسمع أصواتهم " ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم " [المجادلة: ٧] فهو معهم بعلمه، يسمعهم ويعلم حالهم وما يسرون ما يعلنون , ويرى مكانهم ويسمع كلامهم , هو معهم وهو فوق سماواته محيط بهم علمًا وسمعًا وبصرًا – كما قال الشيخ – , لكن الأئمة تجد المأثور عنهم الاقتصار على العلم , ولا يريدون أن هذا المعنى مقصور على العلم , فالله مع عباده يراهم وهو فوق سماواته , ولهذا جاء في الحديث: " لا يخفى عليه شيء من أعمالكم " (٢) يراهم، يسمعهم، يعلمهم، ومشيئته نافذة فيهم، وقدرته شاملة لهم.

والحمد لله أنَّ الحق واضحٌ سهلٌ ميسرٌ , ولكن الذي صَعَّبَهُ هو بدع


(١) المراد بالآية قوله تعالى: " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " [المجادلة: ٧].
(٢) لم أجده مرفوعًا؛ وإنما وجدته موقوفًا على ابن مسعود – رضي الله عنه –: أخرجه ابن بطة في الإبانة (٣/ ١٧١)، وابن عبد البر في التمهيد (٧/ ١٣٩) وغيرهما.

<<  <   >  >>