للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا والدَّعة والبطالة والنعمة طال عليه الوقوف هناك ذلك اليوم (١)، واشتدت مشقته عليه.

وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في قوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (٢٤) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٢٥) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (٢٦) إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا} [الإنسان/٢٣ ـ ٢٧]، فمن سَبَّح الله ليلاً طويلاً لم يكن ذلك اليوم ثقيلاً عليه، بل كان أخف شيء عليه.

ومنها: أن ثقل ميزانه هناك بحسب تحمل ثقل الحق في هذه الدار؛ لا بحسب مجرد كثرة (٢) الأعمال، وإنما يثقل الميزان باتباع الحق والصبر عليه، وبذله إذا سُئل وأخذه (٣) إذا بُذل، كما قال الصديق رضي الله عنه في وصيته لعمر: «واعلم أن لله حقًّا بالليل لا يقبله بالنهار، وله حق بالنهار لا يقبله بالليل، واعلم أنه إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه باتباعهم (٤) الحق، وثقل ذلك عليهم في دار الدنيا، وحُقَّ لميزانٍ يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلًا. وإنما خفَّت موازين من خفت موازينه باتباعهم الباطل في دار الدنيا وخفَّته عليهم، وحُقَّ لميزان يوضع فيه


(١) قوله: «ذلك اليوم» من (ظ) فقط.
(٢) سقط من (ظ).
(٣) علَّق ناسخ (ب) عليه بقوله: «كذا».
(٤) في (أ): «إلا باتباعهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>