للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصلًا، وأما سطوح الجسم المحيط (١) به فهي له مكان، مثل سطوح الهواء المحيط بالإنسان، وسطوح الفلك المحيطة بسطوح الهواء، هي أيضًا مكان الهواء، وهذه [ب/ق ٨٧ أ] الأفلاك بعضها محيط ببعض ومكان له، وأما سطح الفلك الخارج فقد تبرهن (٢) أنه ليس خارجه جسم، لأنه لو كان ذلك كذلك لوجب أن يكون خارج فلك (٣) الجسم أيضًا جسم آخر، ولمرَّ (٤) الأمر إلى غير نهاية.

فإذًا سطح آخر أجسام العالم ليس مكانًا أصلًا؛ إذ ليس يمكن أن يوجد فيه جسم، فإذا قام البرهان على وجود موجود في هذه الجهة فواجب أن يكون غير جسم، فالذي يمتنع وجوده هناك هو عكس ما ظنه القوم، وهو موجود هو جسم، لا موجود ليس بجسم، وليس لهم أن يقولوا: إن خارج العالم خلاء، وذلك أن الخلاء قد تبين في العلوم النظرية امتناعه؛ لأن ما يدل عليه [ظ/ق ٧٨ أ] اسم الخلاء ليس هو شيئًا أكثر من أبعاد ليس فيها جسم، أعني: طولًا وعرضًا وعُمقًا؛ لأنه إن رفعت الأبعاد عنه عاد عدمًا، وإن أنزل الخلاء موجودًا لزم أن يكون أعراضًا موجودة في غير جسم، وذلك أن الأبعاد هي: أعراض من باب الكميَّة ولا بدَّ، ولكنه قد


(١) في (أ، ت، ع): «المحيطة» ومثله في الموضعين الآتِيَيْن.
(٢) في (ت): «يبرهن»، وفي (ع، مط): «برهن».
(٣) في (أ، ت، ع): «ذلك».
(٤) في (أ، ت، ع، مط): «ويمر».

<<  <  ج: ص:  >  >>