للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الطبري: يعني - تعالى ذكره - بقوله: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} (الأنعام: من الآية ١٥٢) وإذا حكمتم بين الناس فتكلمتم، فقولوا الحق بينهم، واعدلوا، وأنصفوا، ولا تجوروا، ولو كان الذي يتوجه الحق عليه والحكم ذا قرابة لكم، ولا يحملنّكم قرابة قريب، أو صداقة صديق، حكمتم بينه وبين غيره، أن تقولوا غير الحق فيما احتكمتم إليه فيه (١) .

وقال القرطبي: قوله - تعالى -: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} (الأنعام: من الآية ١٥٢) يتضمّن الأحكام والشهادات، {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} (الأنعام: من الآية ١٥٢) . أي ولو كان الحق على مثل قراباتكم، كما تقدّم في النساء (٢) .

وقد وقفت متأمّلا لآيتي المائدة والأنعام، فوجدت أن كلا منهما تأمر بالعدل وهو طريق الوسط، ولكن كل آية اختصت بمعنى ليس في الأخرى، فآية المائدة تنهى عن الحيف والجور في حق العدوّ، وأن عداوته وبغضه لا يجوز أن يكون حائلا دون العدل في حقه، شهادة أو حكمًا، فهي تنهي عن الإفراط والغلو بالنسبة لصدور الحكم ضده، وعن التفريط والجفاء بالنسبة لحفظ حقوقه وما يجب له.


(١) - انظر: تفسير الطبري (٨ / ٨٦) .
(٢) - انظر: تفسير القرطبي (٧ / ١٣٧) ، و (٥ / ٤١٠) .

<<  <   >  >>