أما آية الأنعام فإنها تُحذّر من الميل والإفراط في حقّ القريب، مما يكون سببًا لعدم ثبوت الحق عليه، وهذا غلو منهي عنه، كما تنهى عن التفريط في حق خصمه بسبب القرابة، فإن عدم أداء الشهادة محاباة للقريب فيه تفريط في حق الخصم وضياع للحقوق. ومن هنا فإن هاتين الآيتين بمجموعهما ترسمان خط الوسطيَّة، وترشدان إليه، وتحذران من الحيف والميل سواء أكان إفراطًا أو تفريطًا.
وقد يؤدي بغض العدوّ أو حبّ القريب إلى شهادة الزّور والكذب، فيحكم على العدوّ بما ليس عليه، ويحكم للقريب بما ليس له، وكل هذا خروج عن العدل، ومن الظلم الذي لا يرضاه الله أبدًا.
أمّا آية النساء فإنها جمعت بين المعنيين كما هو واضح من سياقها، وتفسير الطبري لها، وإن كانت لمعنى ما في سورة الأنعام أقرب منها لما في سورة المائدة.