للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويسمى هذا "شبه كمال الانقطاع" كقول الشاعر:

تظن سلمى أنني أبغي بها ... بدلًا أراها في الضلال تهيم

فبين الجملتين مناسبة واضحة، ولكن عطف جمل "أراها" علي وتظن سلمى قد يوهم بأن العطف جاء على جملة "أبغي بها بدلًا" وذلك يؤدي إلى فساد المعنى لذا ترك العطف.

الوصل:

وقد ذكر الأقدمون المواقع التي يكون فيها الوصل "أي ذكر الواو" بين الجمل على سبيل العطف بينها فقالوا بوجوب المناسبة بين الجملتين المتعاطفتين، وقد عمدوا إلى شرح المناسبة وتحليلها، واستفادوا بعلوم عصرهم في تحليل قوى النفس، وبحث التداعيات العقلية والخالية والوهمية ومعطيات البيئة العامة ومردودات ذات الاهتمامات الفردية على النفس١.

ومما يجدر الوقوف عنده - في هذ المجال - هو التركيز على أن المناسبة يجب أن تتوفر في ركني الجملة "دلائل الإعجاز" حين اشترط أن يكون المسند في الجملة الثانية، وأن الخبر في الثانية ينغى أن يشاكل الخبر في الأولى كأن يجري جر التشبيه أو النظر أو النقيض للخبر عن الأولى، وضرب مثالًا بعدم جواز العطف بين زيد طويل القامة، وعمر شاعر، لعدم المناسبة بين طول القامة والشعر، وأشار إلى أن الواجب أن يقال: زيد كاتب وعمر شاعر، وأومأ إلى أن المعاني كالأشخاص٢.

ويستحسن أن تكون الجملتان المتعاطفتان متشاكلتين في الإسمية والفعلية، ومن أمثلة ذلك النماذج الرائعة التي أوردها القرآن الكريم في قول الله تعالى:


١ راجع دلالات التراكيب مرجع سابق، ص ٣٤٩.
٢ دلائل الإعجاز، ص ١٤٧، ١٤٨.

<<  <   >  >>