وهذه الشكوى تثير في النفس هواجس وأسئلة لمعرفة السبب فيأتي الجواب في الجملة الثانية.
وقد يكون السؤال الذي تثيره الجملة الثانية من علة معينة" سبب خاص" إذ يكون بينها غموض شفيف كما رأينا في الآية الكريمة "وما أبرئ نفسي" فكأن هناك اتهامًا غامضًا للنفس، وهنا يأ تي السؤال عن هذا الاتهام الذي يرجع لسبب خاص: إن النفس لأمارة بالسوء. وقد يكون السؤال الضمني عن وجه من وجوه الدلالة حيث يثير شوق النفس، إلى المزيد كقول الشاعر:
اعتاد قلبك من ليلى عوائده ... وهاج اهواءك المكنونة الطلل
ربع فؤاد أذاع المعصرات به ... وكل حيران سار ماؤه خَضِلُ
فحينما تحدث الشاعر عن الطلل الذي اعتاد قلبه وأهاج كوامن نفسه استثير المتلقي وكأنه يطلب مزيدًا من المعلومات عن هذا الطلل في غير سؤال محدد..
فائدة: ويسمى شبه كمال الاتصال "الاستئناف البياني" ولكنه ليس ابتداء كلام منقطع عن سابقه، وإنما متولد منه وناشيء عنه إذ تتحرك النفس نحو مواقف جديدة تثيره الجملة الأولى، فالمعاني يستدعى بعضها بعضًا حيث تتناسل الأغراض وقد يطول بها الكلام، فالمعاني في الكلام الحي الحافل تتواليد وتطويل وتشتجر، وتلتف، حتى تلتبس وتختلط إلا على بصير بطرائقها، كثير المراجعة١.
ويمتنع دخول الواو إذا سبقت جملة بجملتين يصح عظفها على إحداهما ولا يصح عطفها على الأخرى لفساد المعنى فيترك العطف دفعًا لهذا الوهم
١ د. محمد أبو موسى، دلالات التراكيب، مرجع سابق ص ٣٣٨.