و لكاتب الترجمة الحرية في أن يختار الأسلوب المناسب لعرضها، فقد يختار الطريقة المسرحية الدرامية، وقد مرت بنا الأصول المتبعة في كتابة المسرحية، وقد يختار طريقة القصة التي تعتمد على السرد والحكاية أو طريقة التفسير والشرح والتحليل على نحو ما فعل نعيمة في سيرة جبران خليل جبران، وقد يستعين بهذه الطرق مجتمعة، وقد يعمد كاتب الترجمة إلى التناول التاريخي وفقًا للتسلسل الزماني، وقد يلجأ إلى التقديم والتأخير وفقًا للهدف أو الغاية التي ينشدها.
ثانيًا-الترجمة الذاتية:
يمكن أن نتبين مفهوم الترجمة من زاويتين:
الأولى: النفي:
فالترجمة الذاتية ليست هي اليوميات أو المذكرات، فاليوميات تبدو منفصلة لا يجمعها إلا السياق الزمني، والمذكرات تهتم بالشئون الخارجية العامة؛ لأن كاتبها يدونها تحت إلحاح الرغبة في الكشف عن الحقائق والمواقف التاريخية، وتحت ضغط ظروف معينة، وليست هي تلك التداعيات التي يعنى فيها الكاتب بتصوير البيئة الاجتماعية أو الوقائع الكبرى كشاهد عليها أو فاعل فيها، وليست هي الاعترافات التي يظهر فيها الكاتب بمظهر البطل والضحية في آن واحد، وليست هي الرواية التي تستلهم الحياة الخاصة للشخصية؛ لأنها بتحولها إلى رواية تفقد هويتها كترجمة ذاتية، فالترجمة الذاتية لون آخر يعتمد على البناء العضوي المرسوم والشخصية النامية بفعل العوامل الموضوعية التي تصطدم بتحديات تدفعها إلى الأمام وتعمل على تصويرها.
١ راجع د/ يحيى عبد الدايم: الترجمة الذاتية في الأدب العربي الحديث، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت سنة ١٩٧٤م ص٤ إلى ص٢٥.