ج- أن أهم ما ينبغي أن يتنبه إليه كاتب الترجمة ثم يعمل على إبرازه وتعميق الإحساس به هو ما ينتاب الشخصية من تطور ونمو، وما يلم بها من عوامل التبديل والتغيير، ولهذا كان لا بد من رصد أثر الحدث، وخصوصًا ذلك التي يحدث تغييرًا جذريًا في حياة الشخصية، كتجربة العقاد بعد أن دخل السجن مثلًا، أو تجربة ابن تومرت بعد أن لقي الغزالي وما إلى ذلك.
د- أن عدة كاتب الترجمة هي المعلومات الغزيرة، وإن لم تكن كلها صالحة للاستغلال، فقد يصدف كاتب الترجمة عن كتابة بعض الحقائق على الرغم من طرافتها لسبب أو لآخر، وقد يعمد إلى استغلال جزئية من الجزئيات المتعلقة بالعادة في المأكل أو الملبس أو المشرب، لذلك فإن للذوق دوره المتميز في بناء السيرة وللذهن الحساس اليقظ فعله في عملية الاختيار والبناء والتطوير، إن التماس المعلومات مهما بدت تافهة من مظانها المختلفة أمر بالغ الضرورة لا بد له من عقلية قادرة على الفرز والترجيح.
هـ- وأسلوب العرض الذي ينبغي أن يحشد له كاتب الترجمة مختلف الطرق الشائعة التي تغري بالمتابعة مناط النجاح في التشكيل والبناء؛ لأنها تغني عن الخيال وتعوض الحرية التي تتوفر عند كاتب الرواية.
وهناك نقطة مهمة لفت إليها الانتباه بعض الباحثين وهي ضرورة الحذر في الاستعانة بالآثار الأدبية أو الفنية في تشكيل الترجمة، ذلك أن الترجمة تتكئ -عادة- على الحقائق، بينما يعتمد العمل الفني على الخيال ويمزج بينه وبين الواقع على نحو خاص.
وقد أشار "توماس هاردي" إلى كاتب سيرته هاتشكوك ووصفه بمجانبة الحقيقة؛ بل بالخطأ وفساد الذوق؛ لأنه اعتمد في ترجمة حياته على قصصه١.