للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاء على شكل قصيدة؛ فالحلم بما فيه من شطحات وتحولات -كما يقول بعض الدارسين- لا يمكن أن يقود إلى العمل الفني من ألفه إلى يائه؛ فالأداء اليقظ المتمثل في كتابة القصيدة جوهر عملية الإبداع الشعري.

وقد كان الفيصل في تتبع عملية الإبداع الشعري هو الاستخبار الذي قام به الدكتور مصطفى سويف حيث وجه مجموعة من الأسئلة لعدد من الشعراء منهم شعراء معروفون مثل: خليل مردم بك، ومحمد بهجت الأثري، ومحمد المجذوب، ومحمد الأسمر، وعادل الغضبان، وأحمد رامي، فكانت النتيجة اتفاق عدد من الإجابات على أن معظم القصائد لا تبزغ فجأة دفعة واحدة دون أن يكون لها مقدمات، وبعضهم أشار إلى نوعين من الإبداع: أحدهما ابن ساعته وهو ما تفيض به النفس إثر حادث يهز النفس، وآخر تعيش فكرته في النفس فترة طويلة قد تبلغ عدة سنوات، والأول أقرب إلى صورة الإلهام، أما الثاني ففيه مجاهدة، وتتفق الإجابات كلها على أن أصحابها لا يكتبون وفقًا لخطة يضعونها ويبدعون أساسها، فمعظم تجاربهم الإبداعية لا تنطلق بطريقة إرادية وإنما بفعل قدرة خفية، وإن بعض المعاني والتراكيب والألفاظ تتوارد على الخاطر أثناء الكتابة.

كما يتفق الشعراء على أن خلو المكان يسهم في تدفق العملية الإبداعية، فلا بد من وجود جو خاص يساعد على الاستغراق في هذه العملية الإبداعية، كذلك فإن الاستسلام للهواجس وخطرات النفس يفسح للخيال مجالًا واسعًا، من هنا يبتدئ دور الإلهام في الكتابة الشعرية، ولكنه مرحلة من مراحل متعددة، وقد أفاد الشعراء أيضًا بأن التوتر يشكل عاملًا حيويًا في وحدة القصيدة، وفي لحظة انتهاء التوتر تنتهي القصيدة إلى حدودها المعلومة١.


١ استفدت في هذ المجال بشكل رئيسي من كتاب: الدكتور مصطفى سويف: الأسس النفسية للإبداع الفني في الشعر خاصة، دار المعارف، القاهرة ط٤ سنة ١٩٨١م.

<<  <   >  >>