ويرى العقاد أن الظروف في اللغة العربية كثيرة كثرة تدلُّ على أن المتكلمين بها يدركون الحوادث على كل صورة من صورها، ويديرون النظر على كل وجه من وجوهه.
خامسًا: إدراك مواضع التعريف والتنكير في اللغة:
تعتبر اللغة العربية من أدق لغات العالم من حيث التمييز بين مواضع التعريف والتنكير على حسب معانيها، فهذه المواضع تسير على قاعدة معينة تلازمها ملازمة معناها: فالضمائر وأسماء الإشارة وأسماء الموصول والأعلام توجد مميزة في اللغة العربية، الأعلام في اللغة العربية غنية عن أدلة التعريف؛ لأن تمييز الاسم بالعلمية تعريف كاف، والأعلام الجغرافية التي تدخلها الألف واللام في اللغة العربية تلازمها دائمًا.
وتتجلى الدقة في التعريف والتنكير في استغناء الأعلام عن أداة التعريف ولكنها تحمل معنى التنكير في بعض المواقع، كذلك فإن الأسماء المنكَّرة إذا سبقت بأداة نداء، وكانت مقصودة لا تحتاج إلى تنوين التنكير؛ لأنها تصبح دالة على معرفة، وقس على ذلك اسم التفضيل.
سادسًا: الوعي بشروط الفصاحة في اللفظة كما حددها البلاغيون والنقاد القدامى١.
كالمناسبة بين الألفاظ ومعانيها، والخلو من التعقيد وتصنع المحسنات البديعية وتأليف الألفاظ من حروف متباعدة المخارج فكلما كانت الحروف متباعدة المخارج أوقع في السمع على نحو ما قال الشاعر:
ضدان لما استجمعا حَسُنا ... والضدُّ يظهر حسنَهُ الضدُّ
١ راجع: ابن سنان الخفاجي، سر الفصاحة، دار الكتب العلمية، بيروت ١٩٨٢ ص٥٨ وما بعدها وراجع أيضًا من كتابات المحدثين: بدوي طبانة، نظرات في أصول الأدب والنقد، عكاظ للنشر والتوزيع جدة ١٤٠٣.