للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالاعتداد بالنفس في هذه الجملة هو الركن الأساسي "المسند إليه" جاء الأخبار عنه في هذه السلسلة المتصلة من الجمل التي تنبع من بعضها البعض في سياق ممتد متصل.

النمط المتصاعد: هو الذي يقدم فيه جزء من أجزاء الجملة، وخصوصًا متمماتها كالظرف والجار والمجرور، ويستبقي أساسها إلى النهاية كقولنا: "في الوقت الذي نجهد فيه أنفسنا في البحث عن السعادة: أين مكمنها؟ ومتى نجدها؟ وما سرها؟ لا نلبث أن ندرك إدراكًا جازمًا أنَّها في طَمْأَنِينَةِ النفس وسكونها التي لا تتأتى إلا بالتقوى والخضوع لله".

فالتصاعد هنا يأتي من تعليق الإخبار، واستبطائه حتى النهاية، فنحن لم نجب عن ماهية السعادة إلا في آخر الجملة١.

وهناك مقومات ينبغي أن تتوفر الجملة المختارة، وقد أفاضت كُتُبُ البلاغة القديمة في تتبع هذه المقومات ورصدها والتمثيل لها، ولكننا لن نتوقف عندها طويلًا لضيق المقام وسنشير إلى أربعة مقومات تتمثل في:

أولًا: الالتزام بقواعد اللغة، وعدم الخروج عليها إلا وفق رؤية محددة لها ما يبررها من حيث الاشتقاق أو تطور الدلالة؛ أما السياق الإعرابي للكلمات فينبغي أن يُلْتَزَمَ، وهذا يندرج فيما سبق أن أشرنا إليه من أن الإعراب فرع المعنى. وهناك انحرافات في التشكيل، وخصوصا في بناء الصورة لها وظيفتها، بل إن هذه الانحرافات في مجملها تمثل نسقًا أسلوبيًّا به تتمايز طرائق التعبير.

ثانيًا: مناسبة الجملة لموقعها من النص طولًا أو قصرًا، تشكيلًا أو تنظيمًا، ويستحسن الإيجاز والإحكام في البناء، ولكن بعض السياقات تحتاج إلى جمل طويلة، وخصوصًا إذا تضمنت مادة علمية تحتاج إلى إفاضة في التوضيح والتفصيل.


١ راجع شكري محمد عياد: مدخل إلى علم الأسلوب، دار العلم للطباعة والنشر الرياض، سنة ١٤٠٣، ١٩٨٣ص٦١.

<<  <   >  >>