للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والهدم: الثوب البالي، والنواشر: عروق باطن الذراع، والجدع سيء الغذاء وقد سمى الشاعر الصبي تولبًا، والتولب ولد الحمار وهذا من قبيل المداخلة وهناك غلط آخر أكثر وضوحًا، حث تتشبث الألفاظ بعضها ببعض، كما في قول أبي تمام:

خان الصفاء أخُ خان الزمان أخًا ... عنه فلم يتخون جسمه الكمد

لم يتخون: لم ينقص

فالكلمة تدخل في تركيب متواتر مع كلمات أخرى تجانسها وتشابهها خان وخان ويتخون وأخ وأخا. والأمثلة على ذلك كثيرة.

ومن شروط الفصاحة أيضًا البعد عن الاستطراد غير المبرر، وعدم استخدام ألفاظ المتكلمين والنحو بين العلماء في الشعر والرسائل والخطب، ومن ذلك المناسبة بين الألفاظ في الصياغة كقول المتنبي:

وقد صارت الأجفان قرحًا من البكا ... وصار بهارًا في الخدود الشقائق

وحين اعترض عليه أبو الفتح ابن جني العالم الغوي الشهير واقترح استبدال كلمة "قرحى" بـ "قرحا" رد عليه المتنبي: إنما قلت قرحًا لأني قلت بهارًا "والبهار زهر أصفر". فهذا مثال على المناسبة من طريق الصياغة فقرحًا تشاكل بهارًا في حين "قرحى" لا تشاكلها وقد أضاف ابن سنان إلى ذلك ضرورة الوضوح واستشهد بقول بشر بن المعتمر في وصيته المشهورة للكاتب: إياك والتوعر في الكلام فإنه يسلمك إلى التعقيد، والتعقيد هو الذي يستهلك معانيك ويمنعك مراميك١، وقد أضاف ضياء الدين ابن الأثير إلى ذلك التعقيد اللفظي والمعنوي وهو متضمن في حديثه عن الغموض٢.


١ راجع: أبو محمد عبد الله بن محمد بن سنان الخفاجي: سر الفصاحة، دار الكتب العلمية، بيروت سنة ١٩٨٢م ص١٧٠ ومراميك: مقاصدك.
٢ راجع: د/ عبد الواحد حسن شيخ: دراسات في البلاغة عند ضياء الدين بن الأثير مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية.

<<  <   >  >>