والمجتهد، باعتبار أن المجتهد صفة لسعيد، غير أن بعض البلاغيين أشاروا إلى إمكانية وقوع الواو بين الصفة والموصوف لإفادة تمكن الصفة من الموصوف، وبالذات عندما تكون الصفة جملة، كما في قول الله سبحانه وتعالى:{سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}[الكهف:٢٢] فالواو دخلت على {ثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} لتفيد لصوقها بالموصوف ويطلق البلاغيون على هذه الواو "واو الثمانية"، وقد جاءت بعد تردد وحيرة وشك اعترى الصفات السابقة لها، فحين جاءت الواو أكدت الثبات والرسوخ واليقين.
وحينما يعطف بين الصفة والموصوف يقصد إلى إبراز معنى "التغاير" والتعدد، إظهارًا لشأن الموصوف وإشارة إلى احتوائه على ما هو ثري ومتعدد، من ذلك قول الله سبحانه وتعالى:{وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ}[الأنبياء:٤٨] فالفرقان صفة للكتاب وكذلك الضياء، وذكر للمتقين، ولكن الله -سبحانه وتعالى- أراد أن يشير إلى ثراء هذا الكتاب وعظمته بما اتصف به من صفات كل واحدة منها، قائمة بذاتها، مغايرة لما قبلها أو بعدها، وقد ركز البلاغيون وخصوصًا "الزمخشري" و"عبد القاهر" على معنى التغاير، وقد بدا سر إعجاز النظم في حذف الواو بين الصفات المترادفات، وذكرها بين المتغايرات في قول الله سبحانه وتعالى:{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً}[التحريم:٥] فالعطف بين الثيبات والأبكار لتغاير هاتين الصفتين، والصفات المتضادة لا بد من الفصل بينهما كما يرى "العلوي" في "الطراز" -وهو أحد البلاغيين المشهورين- غير أن هذا مردود عليه لقول الله سبحانه وتعالى: {تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنْ اللَّهِ الْعَزِيزِ