للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجاهلية، والقليل منه لا يعدو أن يكون إشارة عابرة إلى الخط في العصر الأموي، وإنما جل الحديث كان عن العصر العباسي. فلا معدى إذن عن أن أقصر عنوان هذا الجزء من البحث على "وصف الخط في الجاهلية"، ولا معدى كذلك عن أن أعود إلى النهج الذي سلكته من قبل وهو استنطاق الشعر الجاهلي وأخبار صدر الإسلام.

ولقد وجدت مما بين يدي من نصوص وروايات أن عرب الجاهلية كانوا يفتنون في خطوطهم وكتابتهم، ويجبرونها ويذهبون فيها مذاهب من التجويد والإتقان. وكان هذا الخط المجود المحبر المتقن يوصف بالترقيش والنمنمة والرقم والوشم والتنميق. وقد أشرنا من قبل إلى بيت أبو ذؤيب الذي يصف فيه الكتابة فتبدو كأنما بلغت شأوًا بعيدًا في الزينة والجمال حتى شبهها في رقمها ووشيها بالعروس التي استكملت زينتها وبهاءها واستخفها الحسن والعجب١. وأشرنا كذلك إلى أبيات للأخنس بن شهاب التغلبي٢، وحاتم الطائي٣، وسلامة بن جندل٤ يصفون فيها الكتابة بالترقيش والنمنمة والتنميق.

ومما يدخل في هذا الباب الإشارة إلى مهارة الكاتب وإجادته الخط وتعوده الكتابة، قال لبيد٥:

متعود لحن يعيد بكفه ... قلمًا على عسب ذبلن وبان

وقال معاوية بن مالك بن جعفر٦:

فإن لها منازل خاويات ... على نملى وقفت بها الركابا


١ ديوان الهذليين ١: ٦٤-٦٥.
٢ المؤتلف والمختلف: ٢٧.
٣ ديوانه: ٢٣.
٤ ديوانه: ١٥.
٥ ديوانه: ق١٦ ب٢.
٦ المفضليات ٢: ١٥٧.

<<  <   >  >>