للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السابقة ما زالت باقية يشاهدها أبو ذؤيب فيعرفها ويصفها، وذلك قوله١

عرفت الديار كرقم الدوا ... ة يزبرها الكاتب الحميري

برقم ووشي كما زخرفت ... بميشمها المزدهاة الهدي

أدان وأنباه الأولو ... ن أن المدان الملي الوفي

فنمنم في صحف كالريا ... ط فيهن إرث كتاب محي

وفي أبيات لخزز بن لوذان السدوسي يذكر فيها إنكاره لما كان يعتقده أهل زمانه آنذاك من التشاؤم والتفاؤل بالسوانح والبوارح وعقد التمائم لدفع الغوائل.

ويقرر فيها أن الدهر قلب لا يدوم له خير ولا يتصل له شر. ولو أننا لم نقف عند هذه المعاني العقلية التي لا تصدر إلا من مثقف متعلم يثور على معتقدات أهل زمانه وأباطيلهم، فإننا لا نستطيع إلا أن نقف عند آخر بيت منها، إذ نكاد نفهم منه أن هذا الشاعر قد قرأ الكتب الدينية القديمة، واشتق منها هذه المعاني التي يصورها، وذلك قوله٢:

لا يمنعنك من بغا ... ء الخير تعقاد التمائم

ولقد غدوت وكنت لا ... أغدو على واقٍ وحاتم

فإذا الأشائم كالأيا ... من والأيامن كالأشائم

وكذاك لا خير ولا ... شر على أحد بدائم

قد خط ذلك في الزبو ... ر الأوليات القدائم٣

ويصور لنا لبيد صورة غريبة مركبة حين يصف لنا الأطلال. وذلك في قوله٤

أو مذهب جدد على أواحهن الناطق المبروز والمختوم


١ ديوان الهذليين ١: ٦٤-٦٥.
٢ لسان العرب "حتم". والمؤتلف والمختلف: ١٠٢، والخزانة ٣: ١١ حيث يذكر أن خززًا جاهلي.
٣ الزبور "بضم الزاي" = جمع زبر "بكسرها"، وهي الكتب.
٤ ديوانه "فينا ١٨٨٠" ق١٦، ب٣.

<<  <   >  >>