للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا نزع فيها بيتًا من الشعر، وكان يقول: إذا أعياكم تفسير آية من كتاب الله فاطلبوه في الشعر؛ فإنه ديوان العرب.

وكذلك كان ابن مسعود يُعنَى بالعربية والشعر، وقد كان يسأل في ذلك زر بن حبيش -وكان أعرب الناس١.

وكذلك كان ابن شهاب الزهري؛ فقد قال ابن أبي الزناد٢: كنا لا نكتب إلا سنة، وكان الزهري يكتب كل شيء، فلما احتيج إليه عرفت أنه أوعى الناس. وقد كان الزهري يضرب في كل فنٍ بسهم وافر، وقد كتب في الأنساب كتابًا لم يُتمه، قال الزهري٣: قال لي خالد بن عبد الله القسري: اكتب لي النسب. فبدأت بنسب مضر، وما أتممته، فقال: اقطعه، قطعه الله مع أصولهم. وكان علمه بالأنساب والأخبار مضرب المثل؛ قال الليث٤: ".. وإن حدث عن العرب والأنساب قلت لا يُحسن إلا هذا.." وكان راوية للشعر يحفظ الكثير منه٥، حتى كان الخلفاء الأمويون يرسلون إليه يسألونه عن الشعر والشعراء٦.

وليس أدل على كثرة ما ألفه الزهري في شتى الموضوعات من أنه حينما قتل الوليد بن يزيد سنة ١٢٦هـ حملت الدفاتر على الدواب من خزائنه، وكانت من علم الزهري٧. وكان إذا جلس في بيته وضع كتبه حوله فيشتغل بها عن كل شيء من أمور الدنيا، فقالت له امرأته يومًا٨: والله لهذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر.


١ ابن سعد ٦: ٧١.
٢ البيان والتبيين ٢: ٢٩٠.
٣ الأغاني ١٩: ٥٩.
٤ أبو نعيم، حلية الأولياء ٣: ٣٦٠.
٥ الأغاني "دار الكتب" ١١: ٢٣-٢٦.
٦ الأغاني ٤: ٢٤٨.
٧ ابن سعد ٢: ١٣٦.
٨ ابن خلكان، وفيات الأعيان ١: ٥٧١.

<<  <   >  >>