للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللإجابة عن هذا السؤال طريقان نحن سالكوهما، الأول: عرض لبعض الروايات والأخبار عن هؤلاء العلماء الرواة، وكيف أخذوا علمهم؛ والثاني: دراسة بعض الشعر الجاهلي الذي رووه، واستبانة، "القراءات" المختلفة للفظة الواحدة عند بعض هؤلاء العلماء.

أما الطريق الأول فقد عفى العلماء أنفسهم آثاره تعفه مقصودة متعمدة مما سنفصل القول فيه بعد قليل في ختام هذا الفصل، ولكننا مع ذلك عثرنا على بعض ما يصح أن ننصبه في طريقنا ليهدينا السبيل:

فقصة ابن الأعرابي "أبي عبد الله محمد بن زياد ١٥٠-٢٣١" مع الكتب قصة مشهورة، فقد كان كثير العكوف عليها، والمدارسة لها، والنظر فيها، والأخذ منها. ولما بعث إليه أبو أيوب أحمد بن محمد بن شجاع غلامًا من غلمانه يسأله المجيء إليه، عاد إليه الغلام فقال: قد سألته ذلك فقال لي: عندي قوم من الأعراب، فإذا قضيت أربي معهم أتيت. قال الغلام: وما رأيت عنده أحدًا إلا أني رأيت بين يديه كتبًا ينظر فيها، فينظر في هذا مرة وفي هذا مرة١.

أما الأصمعي "عبد الملك بن قريب ١٢٣-٢١٦" فقد قرأ بعض دواوين الشعر الجاهلي على شيوخه؛ قال الأصمعي٢: قرأت شعر الشنفرى على الشافعي بمكة. وقال أيضًا٣: قرأت على أبي عمرو بن العلاء شعر النابغة الذبياني. وقال أبو حاتم السجستاني٤: قرأ الأصمعي على أبي عمرو بن العلاء شعر الحطيئة. وقُرئ يومًا على الأصمعي في شعر أبي ذؤيب: بأسفل ذات الدير أفرد جحشها. فقال أعرابي حضر المجلس للقارئ: ضل ضلالك أيها القارئ، إنما هي "ذات الدبر" وهي ثنية عندنا؛ فأخذ الأصمعي بذلك


١ ياقوت، إرشاد "محمد بن زياد".
٢ السيوطي، المزهر: ١: ١٦٠.
٣ المرزباني، الموشح: ٤٢.
٤ المزهر ٢، ٣٥٥.

<<  <   >  >>