للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيما بعد١.

وكذلك كان أبو عبيدة "معمر بن المثنى ١١٤-٢١٠" وأبو حاتم السجستاني يتدارسان الشعر الجاهلي في كتب؛ قال أبو حاتم٢: جئت أبا عبيدة يومًا ومعي شعر عروة بن الورد، فقال لي: ما معك؟ فقلت: شعر عروة. قال: فارغ حمل شعر فقير ليقرأه على فقير!

وأما أبو عمرو الشيباني "إسحاق بن مرار، توفي سنة ٢٠٦ أو ٢١٣، وعمره ١١٠ أو ١١٨سنة" فقد كان كذلك يكتب الشعر والأخبار ويأخذها من الكتب.

قال يعقوب بن السكيت٣ "مات أبو عمرو الشيباني وله مائة وثماني عشرة سنة، وكان يكتب بيده إلى أن مات؛ وكان ربما استعار مني الكتاب وأنا إذ ذاك صبي آخذ عنه وأكتب من كتبه". وقد قرأ أبو عمرو الشيباني دواوين الشعراء على المفضل٤.

أما أبو عمرو بن العلاء فقد مر بنا ذكر كتبه وكثرتها ثم إحراقها بعد أن تقرأ.

وهذا حديث بين ابن مناذر الشعر وخلف الأحمر يدل -فيما نرى- على أن الشعر الجاهلي كان مدونًا في الكتب قبل عهدهما، وأنهما كانا يعرفان هذه الكتب ويأخذان منها. قال ابن مناذر لخلف٥: يا أبا محرز، إن يكن النابغة وامرؤ القيس وزهير قد ماتوا فهذه أشعارهم مخلدة، فقس شعري إلى شعرهم، واحكم فيها بالحق؛ فغضب خلف ...

ومن أوضح الأمثلة على هذا الذي نحن بسبيله: ما ورد عن أبي تمام "توفى سنة ٢٣١" حينما اختار حماسته؛ وذلك أن الثلج عاقه عن السفر، وكان في


١ ابن قتيبة، الشعر والشعراء ١: ٢٩.
٢ المزهر ١: ١٦١.
٣ ابن النديم، الفهرست ١٠٢.
٤ ابن خلكان، وفيات الأعيان ١: ٦٥.
٥ ياقوت، إرشاد "خلف".

<<  <   >  >>