للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن رواية بعض الشعر الجاهلي وإنشاده. فمن ذلك أنه لما بلغه صلى الله عليه وآله وسلم هجاء الأعشى علقمة بن علاثة العامري نهى أصحابه أن يرووا هجاءه، وقال: إن أبا سفيان شعث منى عند قيصر فرد عليه علقمة وكذب أبا سفيان١. ونهى كذلك عن إنشاد قصيدة الأفوه الأودي لما فيها من ذكر إسماعيل عليه السلام٢.

وكان أمية بن أبي الصلت يحرض قريشًا بعد وقعة بدر، وكان يرثي من قُتل من قريش فمن ذلك قوله٣:

ماذا ببدرٍ والعقنـ ... ـقل من مرازبة جحاجح

وهي قصيدة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن روايتها.

ويروى أن رسول الله صلى الله عليه سمع كعب بن مالك بن أبي كعب الأنصاري ينشد٤:

ألا هل أتى غسان عنا ودوننا ... من الأرض خرق غوله متعتع

مجالدنا عن جذمنا كل فخمة ... مدربة فيها القوانس تلمع

فقال صلى الله عليه وسلم: لا تقل "عن جذمنا" وقل "عن ديننا" فكان كعب يقرأ كذلك ويفتخر بذلك، ويقول: ما أعان رسول الله صلى الله عليه أحدًا في شعره غيري.


١ الفائق ١: ٦٦٤.
٢ الميمني، الطرائف الأدبية: ٣؛ وهي قصيدة الأفوه التي أولها:
إن ترى رأسي فيه نزع
وشواي خلة فيها دوار
ويهجو فيها بني هاجر.
٣ الأغاني ٤: ١٢٢-١٢٣. العقنقل: كثيب رمل ببدر. المرازبة: جمع مرزبان وهو الفارس الشجاع المقدم على القوم دون الملك. وجحاجح: جمع جحجح، وهو السيد المسارع إلى المكارم.
٤ المبرد، الفاضل: ١٢؛ وانظر أيضًا ابن هشام ٣: ١٣٩.

<<  <   >  >>