للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيها الناس، إياكم وتعلم الأنساب والطعن فيها. والذي نفس عمر بيده لو قلت لا يخرج من هذا الباب إلا صمد ما خرج إلا أقلكم.

ومع ذلك فقد كان عمر يستعين بهؤلاء النسابين كلما احتاج إليهم في أمر، فحينما أراد أن يكتب الناس في الديوان للعطاء دعا "عقيل بن أبي طالب ومخرمة بن نوفل وجبير بن مطعم، وكانوا من نسابي قريش، فقال: اكتبوا الناس على منازلهم، فكتبوا، فبدءوا بيني هاشم"١.

ولما أُتِي عمر بسيف النعمان بن المنذر، دعا جبير بن مطعم فسلمه إياه، ثم قال٢: يا جبير، ممن كان النعمان؟ قال: من أشلاء قنص بن معد.

وجبير هذا معروف بعلمه بالنسب حتى قيل عنه إنه أنسب العرب، وقد أخذ النسب عن أبي بكر الصديق، وعن جبير أخذ سعيد بن المسيب٣.

بل لقد كان عمر نفسه عالمًا بالنسب، وقد أخذ علمه هذا عن أبيه الخطاب، وكان كثيرًا ما يقول٤: سمعت ذلك من الخطاب، ولم أسمع ذلك من الخطاب،

وأما عقيل بن أبي طالب الذي ذكرناه في خبر عمر حينما دعا النسابين ليكتبوا الناس على منازلهم، فهو أخو علي، وعقيل أسن من علي بعشرين سنة، ومات في زمن معاوية في نحو سنة خمسين للهجرة. وكان عقيل من أنسب قريش وأعلمهم بأيامهم، وكانت له طنفسة تطرح في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي عليها، ويجتمع إليه في علم النسب وأيام العرب٥. وكان عقيل أكثر النسابين ذكرًا لمثالب الناس وتعداد مساويهم فعادوه لذلك، وقالوا فيه وحمقوه٦.


١ ابن سعد ٣/ ١: ٢١٢.
٢ البيان والتبيين ١: ٣٠٣.
٣ البيان والتبيين ١: ٣٠٣، والفائق ١: ٦٠٨-٦٠٩.
٤ البيان والتبيين ١: ٣٠٤.
٥ نكت الهميان: ٢٠٠.
٦ البيان والتبيين ٢: ٣٢٤، ونكت الهميان: ٢٠٠.

<<  <   >  >>