للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي سلمى راوية أوس وتلميذه١؛ ثم صار زهير أستاذًا لابنه كعب وللحطيئة٢، حتى لقد قام الحطيئة لكعب بن زهير٣: "قد علمتم روايتي لكم أهل البيت وانقطاعي إليكم، فلو قلت شعرًا تذكر فيه نفسك ثم تذكرني بعدك". ثم جاء هدبة بن خشرم الشاعر وتتلمذ للحطيئة وصار راويته٤. ثم تتلمذ جميل بن معمر العذري لهذبه وروى شعره، ثم كان آخر من اجتمع له الشعر والرواية كثيرًا تلميذ جميل وراويته٥.

ولسنا في سبيل دراسة الخصائص الفنية لهذه المدرسة الشعرية٦، فحسبنا هذا العرض التقريري الذي أورده النقاد الأقدمون، وأقر به بعض هؤلاء الشعراء أنفسهم. ومع ذلك فإننا سنعرض لخصيصة واحدة تجلو لنا حقيقة الصلة بين تلامذة هذه المدرسة؛ تلك هي: التأني في نظم الشعر وإعادة النظر فيه وتنقيحه، حتى لقد قال الأصمعي٧: زهير والحطيئة وأشباههما من الشعراء عبيد الشعر؛ لأنهم نقحوه، ولم يذهبوا فيه مذهب المطبوعين. وكان الحطيئة يقول: خير الشعر الحولي المحكك. وكان زهير يسمي كبرى قصائده الحوليات.

وذكر كعب بن زهير في شعر له هذه "العملية الفنية" في نظم الشعر٨،


١ ابن سلام، طبقات فحول الشعراء: ٨١، وابن قتيبة، الشعر والشعراء ١: ٨٦. ومع ذلك فإنه يروي أنه كان لزهير أستاذ آخر هو خاله بشامة بن الغدير وأن زهيرًا قد ورث شعر خاله بشامة ورواه عنه، انظر الأغاني ١٠: ٣١٢، والآمدي، المؤتلف والمختلف رقم ٥٣٩.
٢ ابن قتيبة، الشعر والشعراء ١: ٩٣.
٣ ابن سلام، طبقات فحول الشعراء: ٨٧ وابن قتيبة، الشعر والشعراء: ١٠٦. وانظر أيضًا الأغاني ٢: ١٦٥.
٤ الأغاني ٨: ٩١، ولسان العرب "رتب".
٥ الأغاني ٨: ٩١.
٦ لقد فصل القول فيها الدكتور طه حسين في كتابه "في الأدب الجاهلي" انظر ص٢٩٨ وما بعدها.
٧ الشعر والشعراء ١: ٢٣.
٨ انظر ديوانه ص٦٤.

<<  <   >  >>