للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هشام، وأسقط كثيرًا منه وبيَّن زيفه، وذكر نقد العلماء له. وقد نبه ابن إسحاق نفسه على ذلك، فاعتذر عن إيراد مثل هذا الشعر المنحول بقوله١: "لا علم لي بالشعر، أُوتَى به فأحمله". وقد عقب ابن سلام على ذلك بقوله٢: "ولم يكن له ذلك عذرًا، فكتب في السير أشعار الرجال الذين لم يقولوا شعرًا قط، وأشعار النساء فضلًا عن الرجال، ثم جاوز ذلك إلى عاد وثمود، فكتب لهم أشعارًا كثيرة، وليس بشعر، إنما هو كلام مؤلف معقود بقوافٍ. أفلا يرجع إلى نفسه فيقول: من حمل هذا الشعر؟ ومن أداه منذ آلاف من السنين، والله تبارك وتعالى يقول: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي لا بقية لهم. وقال أيضًا: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى، وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} وقال في عاد: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَة} وقال: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} وقال: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ} .

ونقد ابن النديم ابن إسحاق أيضًا فقال٣ "ويقال: كان يُعمل له الأشعار ويؤتَى بها ويُسأل أن يدخلها في كتاب السيرة، فيفعل، فضمن كتابه من الأشعار ما صار به فضيحة عند رواة الشعر".

وكذلك فعل الواقدي في مغازيه، فقد أدخل فيها بعض الشعر الموضوع، وإن كان نبه على وضعه في مواطن من كتابه، فقد ذكر أن عباد بن بشر قال في مقتل كعب بن الأشرف قصيدة عدتها ثلاثة عشر بيتًا أولها٤:

صرخت به فلم يحفل لصوتي ... وأوفى طالعًا من فوق قصر

فعدت، فقال: من هذا المنادي ... فقلت: أخوك عباد بن بشر

فقال محمد أسرع إلينا ... فقد جئنا لتشكرنا وتقري


١ طبقات فحول الشعراء: ٩.
٢ المصدر السابق.
٣ الفهرست: ١٣٦.
٤ المغازي: ١٤٩.

<<  <   >  >>