للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي -في رأينا- أبيات غثة مرذولة لا شعر فيها؛ وهذا الأسلوب القصصي أشبه بأسلوب شاعر الربابة الذي يعدد الحوادث تعدادًا منغمًا على أسلوب خاص.

وقد ذكر الواقدي بعد أن أوردها أن ابن أبي حبيبة قال: أنا رأيت قائل هذا الشعر. فقال ابن أبي الزناد: لولا قول ابن أبي حبيبة لظننت أنها ثبت!!

ونحن لا نقصد إلى أن نستقصي جميع الموضوعات التي كانت مجالًا للوضع والنحل، ولكننا نشير إلى موضوع آخر غير القصص وأحاديث السمر، وهو: الأنساب. وللنسب عند العربي قيمة وخطر، ولذلك كان حريصًا على كل ما يثبت أنه عربي صريح أو أنه من القبيلة التي ينتسب إليها حقًّا. وكان بعض الرواة يتقربون إلى ذوي السلطان أو ذوي المال بوضع شعر منحول فيه إشارات إلى نسبهم. فمن ذلك أن قضاعة من معد، ولكنها انتسبت إلى حمير، وزوروا في ذلك شعرًا فقالوا١:

يا أيها الداعي ادعنا وأبشر ... وكن قضاعيًّا ولا تنزر

قضاعة بن مالك بن حمير ... النسب المعروف غير المنكر.

ومن ذلك أيضًا أنهم صنعوا أبياتًا يذكرون فيها نسب جذام ولخم وعاملة، ونحلوها أبا سمال الأسدي، وهي٢:

أبلغ جذامًا ولخمًا إن عرضت بهم ... والقوم ينفعهم علمًا إذا علموا

والقوم عاملة الأثرين قل لهم ... قولًا ستبلغه الوساجة الرسم

لأنتم في صميم الحق إخوتنا ... إذ يُخلق الماء في الأرحام والنسم

لم أر مثل الذي يأتون جاء به ... قوم يذر على مختومهم خمم


١ أبو عبد الله المصعب الزبيري، نسب قريش: ٥.
٢ المصدر السابق: ٩.

<<  <   >  >>