للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرواية الثانية ما جاء في شرح ديوان الأعشى للآمدي١: "قال أبو الحر: وجدت على ظهر كتاب المجاز لأبي عبيدة بخط أبي عسان رفيع بن سلمة المعروف بدماذ٢ صاحب أبي عبيدة، وحدثنا به السكري يعد حديثًا يرفع إلى الأعشى أنه قال ... خرجت أريد قيس بن معديكرب بحضرموت، فأضللت في أوائل أرض اليمن لأنني لم أكن سلكت ذلك الطريق، فلما أضللت أصابني مطر، فرميت ببصري كل مرمى أطلب لنفسي مكانًا ألجأ إليه، فوقعت عيني على خباء من شعر فقصدت نحوه فإذا أنا بشيخ ... " ثم يمضي في قصة طويلة خلاصتها أنه أنشد هذا الشيخ مطلعي قصيدتين من قصائده فإذا بالشيخ ينادي ابنتين له فتنشدان القصيدتين كاملتين لا تخرمان منهما حرفًا، فلما سقط في يده وتحير وغشته رعدة قال له ذلك الشيخ: "ليفرخ روعك أبا بصير أنا هاجسك مسحل بن أثاثة الذي ألقي على لسانك الشعر". فسكنت نفسه٣!

والرواية الثالثة حدث بها أبو اليقظان قال٤: حدثني جويرية عن يشكر


١ انظر السيوطي، شرح شواهد المغني: ٣٢٧.
٢ في الأصل: "ديار" مكان "دماذ" وهو خطأ، انظر الزبيدي، طبقات اللغويين ص١٩٨.
٣ حديثنا هنا مقصورًا على الإسناد وحده، وأسطورية المتن واستحالته في هذه الرواية والرواية التالية لا تنفي صحة الإسناد. فلقد كانوا في الجاهلية يعتقدون بالرئي وبشيطان الشاعر، وذكر الأعشى نفسه شيطانه مسحلا في شعره "انظر الجاحظ، الحيوان ٦: ٢٢٥-٢٢٧، وجمهرة أشعار العرب: ٤٩، والموشح للمرزباني: ٤٩" وجعلوا لكل شاعر صاحبًا من الجن سموه "جمهرة أشعار العرب: ٣٣-٤٥" ولم يكتفوا بشعراء الجاهلية بل ذهبوا إلى أن شعراء الإسلام كانوا كذلك. فهذا جرير يهتف به صاحبه من الجن من زاوية البيت ويحدثه ويلقي إليه شعرًا "الأغاني ٨: ٦٩"، والفرزدق يأتي جبلًا بالمدينة وينادي بأعلى صوته: أجيبوا أخاكم أبا لبيني "النقائص: ٥٤٧"، وهؤلاء الجن يجاوبون ذا الرمة ونصيبًا وجريرًا "الموشح: ١٦٩-١٧٠" وانظر أخبار بعض الصحابة والجن في ابن سعد ٧/ ١: ٤٨، ٧/ ٢: ١١٦، والفائق ٣: ١٨١ ثم انظر أخبار الجن ومناقشة هذه الأخبار في الجاحظ، الحيوان٦: ١٦٤-٢٤٢.
٤ الأغاني ٩: ١٥٦.

<<  <   >  >>