للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الاختصار، وأشعارًا ذكرها لم أر أحدًا من أهل العلم بالشعر يعرفها، وأشياء بعضها يشنع الحديث به، وبعض يسوء بعض الناس ذكره ... "

وهذه الأشعار التي ذكرها ابن إسحاق في سيرته والتي لم ير ابن هشام أحدًا من أهل العلم بالشعر يعرفها -قد وقف عندها ابن سلام وقفات طوالًا؛ فقد قال١: "وكان ممن أفسد الشعر وهجنه وحمل كل غثاء منه: محمد بن إسحاق بن يسار، مولى آل مخرمة بن المطلب بن عبد مناف، وكان من علماء الناس بالسير ... فقبل الناس عنه الأشعار، وكان يعتذر منها ويقول: لا علم لي بالشعر، أوتَى به فأحمله. ولم يكن ذلك له عذرًا. فكتب في السير أشعار الرجال الذين لم يقولوا شعرًا قط، وأشعار النساء فضلًا عن لرجال، ثم جاوز ذلك إلى عاد وثمود، فكتب لهم أشعارًا كثيرة. وليس بشعر، إنما هو كلام مؤلف معقود بقوافٍ أفلا يرجع إلى نفسه فيقول: من حمل هذا الشعر؟ ومن أداه منذ آلاف السنين؟ والله تبارك وتعالى يقول {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي لا بقية لهم. وقال أيضًا: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى، وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} وقال في عاد: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَة} وقال: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا} وقال: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ} .

وقال ابن سلام كذلك٢: "ولأبي سفيان بن الحارث شعر كان يقوله في الجاهلية فسقط ولم يصل إلينا منه إلا القليل ولسنا نعد ما يروي ابن إسحاق له ولا لغيره شيء ولأنه لا يكون لهم شعر أحسن من أن يكون ذاك لهم".

ويقول في موطن ثالث٣: "فلو كان الشعر مثل ما وضع لابن إسحاق، ومثل ما رواه الصحفيون. ما كانت إليه حاجة. ولا فيه دليل على علم".


١ طبقات فحول الشعراء: ٨-٩.
٢ المصدر السابق: ٢٠٦.
٣ المصدر السابق: ١١.

<<  <   >  >>