عن طريق النقوش ذات حضارة باسقة، ولكن لا يبدو أنه كان لها شعر، فهل نصدق أن الأعراب غير المتحضرين كان لهم شعر في مثل هذه الصور المركبة كما يصدق بذلك العلماء الأقدمون من المسلمين؟ وبوجه عام فإن من المرجح احتمال صواب ما افترضناه وهو: أن كلًّا من الشعر والنثر المسجوع كانا في معظمهما مشتقين من القرآن، وأن تلك الجهود الأدبية التي سبقت القرآن كانت أقل فنًّا منه لا أكثر فنًّا".
ثم يختم مرجوليوث مقالته هذه بقوله١: "وإذا كان يبدو من الحكمة ألا نطلق حكمًا على مشكلة النظم العربي وهل يرجع إلى عهد قديم جدًّا أو هل هو حادث بعد القرآن فإن سبب ذلك تلك الصفات المحيرة التي نجدها فيما بين أيدينا من أدلة. ونحن في أمان حينما نبحث في النقوش، ويصح أن يوثق بالقرآن في بيان حالة العرب الذي أنزل لهم في زمن النبي، أما في تاريخ الشعر العربي فلا بد لنا من الرجوع إلى مصادر أخرى، وهي -في أغلبها- تبحث في أزمنة وأحوال لا عهد لمؤلفيها أنفسهم بها وكانت تجاربهم وخبرتهم تقودهم إلى تصديق أمور كثيرة ضللتهم بالضرورة. ونحن -حينما نحاكم أقوالهم ونبحث فيها- نستطيع أن نذهب في الشك إلى أقصى حدوده، كما نستطيع أن نمضي في التصديق إلى أبعد مذاهبه! ".
-٢-
ثم تعاور نفر من المستشرقين الحديث عن "صحة الشعر الجاهلي" وكان أكثرهم يرد، فيما يكتب، ما ذهب إليه مرجوليوث، ويفند أدلته وافتراضاته وكان أولهم، فيما نعرف، الأستاذ شارلس جيمس ليال Charles James Lyall الذي